التنقيب عن الاثار وحكم مهم جدا سبب برائة اغلب قضايا الاثار
الطعن رقم ١٨٢٧ لسنة ٨٠ قضائية
الدوائر الجنائية - جلسة ٢٠١٤/٠٤/١٤
مكتب فنى ( سنة ٦٥ - قاعدة ٢٩ - صفحة ٢٧٩ )
العنوان : آثار . جريمة " أركانها " . قانون " تفسيره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الموجز : استغلالها بأي وجه إلا بترخيص من هيئة الآثار وتحت إشرافها . ماهيتها ؟ المادتان ٣ ، ٢٠ من القانون ١١٧ لسنة ١٩٨٣ بشأن الأثار . الأراضي الأثرية والمناطق الخاضعة لحظر الحفر فيها أو منح رخص بناء عليها أو قضاء الحكم المطعون فيه ببراءة المطعون ضدهم من تهمة القيام بأعمال حفر أثري دون ترخيص استناداً إلى أن المنطقة التي قاموا بالحفر فيها ليست أثرية أو مملوكة للدولة ولم يصدر قرار بشأنها من الوزير المختص باعتبارها أرضاً أثرية . صحيح . النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون . غير مقبول . أساس ذلك ؟ مثال .
القاعدة : لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد نص المادتين ٣ ، ٢٠ / ٣ من القانون رقم ١١٧ لسنة ١٩٨٣ بشأن الآثار برَّر قضائه بالبراءة بقوله " ... إنه قد تبين للمحكمة من أقوال الشاهدين اللذين استمعت لهما وهما من العاملين بهيئة الآثار أن المسكن الذي أجريت به أعمال الحفر لم تنزع ملكيته ولم يصدر بشأنه قرارات إدارية أو وزاريه باعتبار أرضه أثرية ، ولا ينال من ذلك أنها قد أجريت دراسات أثرية بالمنطقة عام ١٩٨٤ إلا أنه لم يصدر بشأنها قرارات باعتبارها منطقة أثرية ، الأمر الذي ترى فيه المحكمة أن الجريمة المسندة إلى جميع المتهمين في هذا الاتهام غير متوافرة الأركان ، مما يتعين القضاء ببراءتهم عملاً بالمادة ٣٠٤ من قانون الإجراءات الجنائية " لما كان ذلك ، وكان من المقرر قانوناً وفقاً لنص المادة الثالثة من القانون رقم ١١٧ لسنة ١٩٨٣ بشأن الآثار أنه " تعتبر أرضاً أثرية الأراضي المملوكة للدولة التي اعتبرت أثرية بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة على العمل بهذا القانون أو التي يصدر باعتبارها كذلك قرار من رئيس مجلس الوزراء بناءً على عرض الوزير المختص بشئون الثقافة " ، كما نصت المادة ٢٠ من القانون سالف الذكر على أنه " لا يجوز منح رخص للبناء في المواقع أو الأراضي الأثرية ، ويحظر على الغير إقامة منشآت أو مدافن أو شق قنوات أو إعداد طرق أو الزراعة فيها أو في المنافع العامة للآثار أو الأراضي الداخلة ضمن خطوط التجميل المعتمدة ، كما لا يجوز غرس أشجار بها أو قطعها أو رفع أنقاض منها أو أخذ أتربة أو أسمدة أو رمال أو إجراء غير ذلك من الأعمال التي يترتب عليها تغيير في معالم هذه المواقع والأراضي إلا بترخيص من الهيئة وتحت إشرافها ويسري حكم الفقرة السابقة على الأراضي المتاخمة التي تقع خارج نطاق المواقع المشار إليها في الفقرة السابقة والتي تمتد حتى مسافة ثلاثة كيلومترات في المناطق المأهولة أو لمسافة تحددها الهيئة بما يحقق حماية بيئة الأثر في غيرها من المناطق ، ويجوز بقرار من الوزير المختص بشئون الثقافة تطبيق أحكام هذه المادة على الأراضي التي يتبين للهيئة بناء على الدراسات التي تجريها احتمال وجود آثار في باطنها ، كما يسرى حكم هذه المادة على الأراضي الصحراوية وعلى المناطق المرخَّص بعمل محاجر فيها " ، ونصت المادة ٢٩ / ١ من ذات القانون على أنه " تتولى هيئة الآثار الحفاظ على الآثار والمتاحف والمخازن والمواقع والمناطق الأثرية والمباني التاريخية كما تتولى حراستها عن طريق الشرطة المختصة والخفراء والحراس الخصوصيين المعتمدين منها وفقاً للقواعد المنظمة لذلك " ، ثم نصت المادة ٤٢ / ٢ بند ٢ المعدلة بالقانون رقم ٣ لسنة ٢٠١٠ على معاقبة كل من أجرى أعمال الحفر الأثري دون ترخيص . لما كان ذلك ، وكان مؤدى ما سلف بيانه من نصوص قانونية أن المشرع أناط بالوزير المختص بشئون الثقافة سلطة تحديد خطوط التجميل في المناطق الأثرية وحماية الأراضي الأثرية وحظر الحفر فيها أو منح رخص بناء عليها فضلاً عن إقامة أو إجراء استغلال بأي وجه فيها إلا بترخيص من هيئة الآثار وتحت إشرافها ، وحدد القانون المناطق التي يسري عليها هذا الحظر وهي الأراضي المملوكة للدولة التي اعتبرت أثرية بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة على العمل بقانون الآثار أو التي صدر قرار باعتبارها أرضاً أثرية ، وكذلك الأراضي المتاخمة لتلك الأراضي التي تقع خارج نطاقها والتي تمتد إلى مسافة ثلاثة كيلومترات في المناطق المأهولة أو المسافة التي تحددها الهيئة بما يحقق حماية بيئة الأثر في غيرها من المناطق ، وثالثها الأراضي التي يُحتمل وجود آثار في باطنها والتي يصدر بتحديدها قرار من الوزير المختص ، ورابعها الأراضي الصحراوية ، وخامسها المناطق المرخَّص بعمل محاجر فيها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضائه بالبراءة
- على نحو ما سلف - على سند من أن المنطقة التي قام المتهمون بالحفر فيها ليست منطقة أثرية وأنها ليست مملوكة للدولة ولم يصدر قرار بشأنها من الوزير المختص باعتبارها أرضاً أثرية ، وهو ما لا تجادل فيه الطاعنة ، كما أنها لا تدعي بأنها من الأراضي المتاخمة للمواقع والأراضي الأثرية أو التي تقع في محيطها ، أو أنها من الأراضي الصحراوية ، أو المناطق المرخَّص بعمل محاجر فيها ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه قد يكون أصاب صحيح القانون ، ويضحى النعي عليه بدعوى الخطأ في تطبيق القانون غير سديد .
الحكم
باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
دائرة الاثنين ( ج )
-----
برئاسة السيد القاضي/ محمد ناجي دربالة نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة / مهاد خليفة و علي نور الدين الناطوري
وحمودة نصار و محمود عاكف
نواب رئيس المحكمة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / تامر الجمال .
وأمين السر السيد / حنا جرجس .
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الاثنين ١٤ من جمادى الآخرة سنة ١٤٣٥ ه الموافق ١٤ من إبريل سنة ٢٠١٤م .
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم ١٨٢٧ لسنة ٨٠ القضائية .
المرفوع من
محمد طلعت عبد الحليم محمد " محكوم عليه"
ضد
النيابة العامة
ومنها ضده
" الوقائع "
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين فى قضية الجناية رقم ٣٦٣٩ لسنة ٢٠٠٩ مركز منوف (المقيدة بالجدول الكلي برقم ٥٤٠ لسنة ٢٠٠٩ شبين الكوم) بأنهم فى الفترة من ٨ من ديسمبر سنة ٢٠٠٨ وحتى ٢٠ من ديسمبر سنة ٢٠٠٨ - بدائرة مركز منوف - محافظة المنوفية:
أولاً: المتهم الأول: عرض رشوة على موظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته بأن عرض على أحمد عبد العزيز الصياد - ملازم أول بوحدة مباحث مركز منوف - مبلغ مليون جنيه على سبيل الرشوة مقابل استغلال وظيفته بضبط واحتجاز محمد أنس مقداد بدون وجه حق لتمكينه وآخرين من إجراء أعمال حفر أسفل منزل سالف الذكر وتأمين تلك الأعمال للتنقيب عن قطعة أثرية ولكن الموظف العمومي لم يقبل الرشوة منه.
ثانيًا: المتهمون جميعًا: أجروا أعمال الحفر الأثري دون ترخيص من المجلس الأعلى للآثار بأن حفروا أسفل منزل محمد أنس مقداد الكائن بعزبة الكوم الأحمر مركز منوف محافظة المنوفية بغرض البحث والتنقيب عن قطع أثرية .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات شبين الكوم لمعاقبتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا فى ٣ من نوفمبر سنة ٢٠٠٩ عملاً بالمادة ١٠٩مكرر/١ من قانون العقوبات مع إعمال المادة ١٧ من ذات القانون بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة وتغريمه خمسمائة جنيه عما هو منسوب إليه والعزل من الوظيفة لمدة عامين عن التهمة الأولى ، وببراءته وباقي المتهمين من التهمة الثانية .
فقرر المحكوم عليه بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض فى ٥ من نوفمبر سنة ٢٠٠٩ وأودعت مذكرة بأسباب الطعن فى ذات التاريخ موقع عليها من حامد السيد عفيفي يونس المحامي .
كما قررت النيابة العامة بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض فى ٣٠ من ديسمبر سنة ٢٠٠٩ وأودعت مذكرتان بأسباب الطعن فى ذات التاريخ موقع على إحداهما من محام عام وعلى الأخرى من رئيس نيابة بها .
وبجلسة اليوم سُمِعَت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونًا.
أولاً: الطعن المقدَّم من الطاعن الأول: محمد طلعت عبد الحليم محمد:
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر فى القانون .
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة عرض رشوة على موظف عام لم تقبل منه ، جاء مشوبًا بالقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال واعتراه الإخلال بحق الدفاع والخطأ فى تطبيق القانون ، ذلك بأنه دفع ببطلان إذن النيابة العامة
بالتسجيل لإنشائه على تحريات غير جدية ، ولصدوره من غير مختص ، وعن جريمة لم تقع ، وبطلان التسجيلات لعدم قيام المأذون له بالتسجيل بمهر شريط التسجيل ببصمة صوتية أو كتابية وعدم بيان وسيلته فى التسجيل، إلا أن الحكم التفت دون رد على الدفع الأول، وقصر في الرد على باقيها ، والتفت عن الدفع بطلان الإذن بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ، ولصدوره عن جريمة مستقبلة ، وتساند فى الإدانة إلى أقوال شاهد الإثبات الأول التي تناقضت بتحقيقات النيابة العامة والتحقيق الإداري الذي أجرته وزارة الداخلية ، والتي فات على المحكمة ضمَّه ، كما تساند إلى أقوال النقيب نبيل مسلم التي لم تتصل بواقعة عرض الرشوة ، وقعدت النيابة عن طلب بيان المكالمات الصادرة والواردة على هاتفي الطاعن والمبلِّغ وتحريز هاتف الأخير وهو ما غاب على المحكمة تداركه ، وأخيرًا فإن الشاهد الأول لم يكن جادًا فى قبول الرشوة ومن ثم فإن أركان الجريمة لا تكون متوافرة فى حقه ، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه .
من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت بما يكفي لحمل قضائه . لما كان ذلك ، وكان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن الإذن بالتسجيل كان استنادًا إلى بلاغ الشاهد الأول الملازم أول محمد عبد العزيز الصياد ولم يستند إلى التحريات كما ذهب إلى ذلك الطاعن ، فإن دفعه ببطلان الإذن بالتسجيل لعدم جدية التحريات يكون ظاهر البطلان ، ولا وجه للنعى على الحكم عدم الرد عليه ، لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بالرد على دفع ظاهر البطلان وبعيدًا عن محجة الصواب . لما كان ذلك ، وكات المادة ٢٠٦ مكررًا من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم ٩٥ لسنة ٢٠٠٣ قد نصت على أنه " ... يكون لأعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل - بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة للنيابة العامة - سلطات قاضي التحقيق فى تحقيق الجنايات فى الأبواب الأول والثاني والثاني مكررًا والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات . ويكون لهم فضلاً عن ذلك سلطة محكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة المشورة المبينة فى المادة "١٤٣" من هذا القانون فى تحقيق الجرائم المنصوص عليها فى القسم الأول من الباب الثاني المشار إليه . ويكون لهؤلاء الأعضاء من تلك الدرجة سلطات قاضي التحقيق فيما عدا مدد الحبس الاحتياطي المنصوص عليها فى المادة "١٤٢" من هذا القانون ، وذلك فى تحقيق الجنايات المنصوص عليها فى الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون العقوبات " . ونصت المادة ٩٥ من ذات القانون " ... لقاضي التحقيق أن يأمر بضبط جميع الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود لدى مكاتب البريد وجميع البرقيات لدى مكاتب البرق وأن يأمر بمراقبة المحادثات
السلكية واللاسلكية أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت فى مكان خاص متى كان لذلك فائدة في
ظهور الحقيقة فى جناية أو فى جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر
". ومفاد النصين المتقدمين أن القانون خوَّل أعضاء النيابة العامة بدرجة رئيس نيابة على الأقل سلطات قاضي التحقيق فى أمور معينة من بينها الأمر بإجراء التسجيلات فى الجنايات المنصوص عليها فى الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون العقوبات - ومنها جناية الرشوة موضوع الدعوى الماثلة ، وكان البين من المفردات المضمومة أن الإذن الصادر من النيابة العامة بالتسجيل ، صدر من عضو نيابة بدرجة رئيس نيابة - خلافًا لما ذهب إليه الطاعن بأسباب طعنه - فإن تلك التسجيلات تكون قد تمت وفقًا لصحيح القانون ، ويكون الدفع ببطلان الإذن الصادر بها قائم على غير سند . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى مدوناته أن إذن النيابة العامة بالتسجيل قد صدر بعد أن عرض الطاعن على الشاهد الأول مبلغ الرشوة، فإن مفهوم ذلك أن الإذن قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من الطاعن ، لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة ، وإذا انتهى إلى ذلك الحكم المطعون فيه فى معرض رده على دفع الطاعن فى هذا الصدد فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر قانونًا أن لمأموري الضبط القضائي - إذا ما صدر إليهم إذن بتسجيل الأحاديث - أن يتخذوا ما يروه كفيلاً بتحقيق الغرض من الإذن دون أن يلتزموا فى ذلك طريقة معينة ، ماداموا لا يخرجون فى إجراءاتهم على القانون - كالحال فى هذه الدعوى - فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان الإذن الصادر من النيابة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ، ولصدوره عن جريمة مستقبلة ، فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ، لأنهما من الدفوع القانونية التي تختلط بالواقع وتقتضي تحقيقًا موضوعيًا مما لا شأن لمحكمة النقض به . هذا فضلاً عن أنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور لعدم الرد على هذا الدفع مادام البين من الواقعة كما صار إثباتها فى الحكم ومن استدلاله أنه لم يستند فى الإدانة إلى دليل مستمد من القبض والتفتيش المدعى ببطلانهما . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات الأول وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد إنما ينحل إلى جدل موضوعي فى تقدير أدلة الدعوى ، لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض . فضلاً عن ذلك، فإن الحكم المطعون فيه لم يستند إلى أقوال شاهد الإثبات الأول بالتحقيق الإداري ولم يشر
إليها فى سياق أسبابه ، ومن ثم فإن دعوى التناقض التي أثارها الطاعن تكون على غير سند .
وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب ضم التحقيق الإداري الذي أجرته وزارة الداخلية مع الشاهد الأول ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن ضمه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يعوِّل فى إدانة الطاعن على أقوال النقيب نبيل مسلم، ولم يشر إليه فى مدوناته ، فإن ما يثيره بشأنها يكون على غير محل . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن فى خصوص قعود النيابة العامة عن طلب بيان بالمكالمات الصادرة والواردة على هاتفي الطاعن والمبلغ وتحريز هاتف الأخير ، لا يعدو أن يكون تعييبًا للتحقيق الذي جرى فى المرحلة السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح سببًا للطعن على الحكم ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب إلى المحكمة تدارك هذا النقص ، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود . لما كان ذلك ، وكان ما أثبته الحكم فى حق الطاعن من أنه عرض رشوة على شاهد الإثبات الأول ضابط الشرطة بمركز منوف لحمله على الإخلال بواجبات وظيفته بضبط محمد أنس مقداد واحتجازه بديوان المركز دون وجه حق لحين إتمام أعمال الحفر بمنزله مع تأمين تلك الأعمال ، يتوافر به جريمة عرض الرشوة كما هي معرفة به فى القانون ، وكان لا يؤثر فى قيام جريمة عرض الرشوة أن يكون المجني عليه غير جاد فى قبولها ، إذ يكفي لقيام تلك الجريمة مجرد عرض الرشوة ، ولو لم تُقبَل ، متى كان العرض حاصلاً لموظف عمومي أو من فى حكمه ، وجديًا فى ظاهره ، وكان الغرض منها العبث بمقتضيات الوظيفة لمصلحة الراشي ، فإن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة عرض رشوة على موظف عام يكون قد صادف صحيح القانون ، ويكون منعى الطاعن فى هذا الخصوص لا محل له . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا .
ثانيًا: الطعن المقدَّم من النيابة العامة:
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر فى القانون .
ومن حيث إن النيابة العامة تعيب على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون ، ذلك بأنه قضى ببراءة المطعون ضدهم من تهمة القيام بأعمال حفر أثري دون ترخيص استنادًا إلى أن منطقة الحفر ليست أثرية ولم يصدر قرار باعتبارها منطقة أثرية ، رغم أن القانون لم
يستلزم أن تكون منطقة الحفر أثرية مادام الحفر كان بقصد التنقيب عن الآثار ، مما يوجب نقض الحكم .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد نص المادتين ٣ ، ٢٠/٣ من القانون رقم ١١٧ لسنة ١٩٨٣ بشأن الآثار برَّر قضائه بالبراءة بقوله " ...
أنه قد تبين للمحكمة من أقوال الشاهدين اللذين استمعت لهما وهما من العاملين بهيئة الآثار أن المسكن الذي أجريت به أعمال الحفر لم تنزع ملكيته ولم يصدر بشأنه قرارات إدارية أو وزاريه باعتبار أرضه أثرية ، ولا ينال من ذلك أنها قد أجريت دراسات أثرية بالمنطقة عام ١٩٨٤ إلا أنه لم يصدر بشأنها قرارات باعتبارها منطقة أثرية ، الأمر الذي ترى فيه المحكمة أن الجريمة المسندة إلى جميع المتهمين فى هذا الاتهام غير متوافرة الأركان .
مما يتعين القضاء ببراءتهم عملاً بالمادة ٣٠٤ من قانون الإجراءات الجنائية
". لما كان ذلك ، وكان من المقرر قانونًا وفقًا لنص المادة الثالثة من القانون رقم ١١٧ لسنة ١٩٨٣ بشأن الآثار أنه " تعتبر أرضًا أثرية الأراضي المملوكة للدولة التي اعتبرت أثرية بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة على العمل بهذا القانون أو التي يصدر باعتبارها كذلك بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناءً على عرض الوزير المختص بشئون الثقافة " ، كما نصت المادة ٢٠ من القانون سالف الذكر على أنه " لا يجوز منح رخص للبناء فى المواقع أو الأراضي الأثرية . ويحظر على الغير إقامة منشآت أو مدافن أو شق قنوات أو إعداد طرق أو الزراعة فيها أو فى المنافع العامة للآثار أو الأراضي الداخلة ضمن خطوط التجميل المعتمدة . كما لا يجوز غرس أشجار بها أو قطعها أو رفع أنقاض منها أو أخذ أتربة أو أسمدة أو رمال أو إجراء غير ذلك من الأعمال التي يترتب عليها تغيير فى معالم هذه المواقع والأراضي إلا بترخيص من الهيئة وتحت إشرافها ويسري حكم الفقرة السابقة على الأراضي المتاخمة التي تقع خارج نطاق المواقع المشار إليها فى الفقرة السابقة والتي تمتد حتى مسافة ثلاثة كيلومترات فى المناطق المأهولة أو لمسافة تحددها الهيئة بما يحقق حماية بيئة الأثر فى غيرها من المناطق . ويجوز بقرار من الوزير المختص بشئون الثقافة تطبيق أحكام هذه المادة على الأراضي التي يتبين للهيئة بناء على الدراسات التي تجريها احتمال وجود آثار فى باطنها كما يسرى حكم هذه المادة على الأراضي الصحراوية وعلى المناطق المرخَّص بعمل محاجر فيها " ، ونصت المادة ٢٩/١ من ذات القانون على أنه " تتولى هيئة الآثار الحفاظ على الآثار والمتاحف والمخازن والمواقع والمناطق الأثرية والمباني التاريخية كما تتولى حراستها عن طريق الشركة المختصة
والخفراء والحراس الخصوصيين المعتمدين منها وفقًا للقواعد المنظمة لذلك " ، ثم نصت المادة ٤٢/٢ بند ٢ المعدلة بالقانون رقم ٣ لسنة ٢٠١٠ على معاقبة كل من أجرى أعمال الحفر الأثري دون ترخيص. لما كان ذلك ، وكان مؤدى ما سلف بيانه من نصوص قانونية أن المشرع
أناط بالوزير المختص بشئون الثقافة سلطة تحديد خطوط التجميل فى المناطق الأثرية وحماية الأراضي الأثرية وحظر الحفر فيها أو منح رخص بناء عليها فضلاً عن إقامة أو إجراء استغلال بأي وجه فيها إلا بترخيص من هيئة الآثار وتحت إشرافها ، وحدد القانون المناطق التي يسري عليها هذا الحظر وهي الأراضي المملوكة للدولة التي اعتبرت أثرية بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة على العمل بقانون الآثار أو التي صدر قرار باعتبارها أرضًا أثرية ، وكذلك الأراضي المتاخمة لتلك الأراضي التي تقع خارج نطاقها والتي تمتد إلى مسافة ثلاثة كيلومترات فى المناطق المأهولة أو المسافة التي تحددها الهيئة بما يحقق حماية بيئة الأثر فى غيرها من المناطق ، وثالثها الأراضي التي يُحتمل وجود آثار فى باطنها والتي يصدر بتحديدها قرار من الوزير المختص ، ورابعهما الأراضي الصحراوية ، وخامسها المناطق المرخَّص بعمل محاجر فيها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضائه بالبراءة - على نحو ما سلف - على سند من أن المنطقة التي قام المتهمون بالحفر فيها ليست منطقة أثرية وأنها ليست مملوكة للدولة ولم يصدر قرار بشأنها من الوزير المختص باعتبارها أرضا أثرية ، وهو ما لا تجادل فيه الطاعنة ، كما أنها لا تدعي بأنها من الأراضي المتاخمة للمواقع والأراضي الأثرية أو التي تقع فى محيطها ، أو أنها من الأراضي الصحراوية ، أو المناطق المرخَّص بعمل محاجر فيها ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه قد يكون أصاب صحيح القانون ، ويضحى النعي عليه بدعوى الخطأ فى تطبيق القانون غير سديد.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: أولاً: بقبول طعن المحكوم عليه شكلاً وفي الموضوع برفضه .
ثانيًا: بقبول طعن النيابة العامة شكلاً وفي الموضوع برفضه .
أمين السر رئيس الدائرة
تعليقات
إرسال تعليق